بهجوم مُضاد... الصين تعود وتقول تذكّروا أن العالم لا يُختَصَر بترامب
من فيليب تقلا إلى رياض سلامة.. مَنْ سيكون الحاكم السادس لمصرف لبنان وما التحديات التي ستُواجهه؟
بعد انتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وتكشيل حكومة جديدة برئاسة القاضي نواف سلام، تتركز الجهود لإنجاز التعيينات الأمنية والعسكرية والإدارية والتشكيلات الدبلوماسية والقضائية، وذلك لملء الشغور في عدد من الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة، ولعل أبرز هذه التعيينات بعد اقرار التعيينات العسكرية والامنية في مجلس
الوزراء امس، اختيار حاكم جديد لمصرف لبنان.
فمنصب حاكم مصرف لبنان شاغر منذ نهاية شهر تموز 2023 حين انتهت ولاية الحاكم السابق رياض سلامة وتولى نائبه الأول الدكتور وسيم منصوري المهام بالإنابة.
تتزايد حالياً الأسئلة حول الشخصية الأنسب لهذا المنصب الحساس في ظل الأزمة المالية والاقتصادية التي يمر بها لبنان، وتتعدّد الأسماء التي يتم التداول بها في الكواليس لتولي حاكمية مصرف لبنان، فما هي الصفات التي يجب ان يتحلّى بها "الحاكم" الجديد وما التحديات المالية والاقتصادية التي تنتظره؟
الباحث في الاقتصاد وخبير المخاطر المصرفية الدكتور محمد فحيلي يقول عبر "لبنان 24
" إنه "إذا اعترفنا وقبلنا بضرورة إستقلالية السلطة النقدية، فيمكن القول ان موقع حاكم مصرف لبنان هو بمثابة "الرئاسة الرابعة" في التراتبية، وذلك بعد رئاسة الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الوزراء، الا انه الأول في تأثيره وتداعيات أدائه."
ولفت إلى انه "مع إكتمال السلطة التنفيذية، بعد إنتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة، إنطلق الحديث عن التعيينات في قيادات الصف الأول وعلى رأسها تعيين حاكم أصيل لمصرف لبنان"، مشيرا إلى ان "التجارب السابقة أثبتت أن مجرد الكفاءة التقنية والخبرة المالية ليستا كافيتين لضمان نجاح الحاكم الجديد، بل يجب أن يمتلك مجموعة من المهارات القيادية والصفات الشخصية التي تمكنه من استعادة الثقة بالاقتصاد الوطني من خلال إستعادة دور وإنتظام العمل في القطاع المصرفي اللبناني، وضمان عودة النقد الوطني ليكون العملة المعتمدة والأساس في التبادل التجاري في الداخل اللبناني، علما ان هذين الأمرين ليسا بالمهام السهلة اليوم".
ويُتابع: "كان لحاكم مصرف لبنان في السنوات الماضية، وبما يتمتع به من صلاحيات أعطيت له بموجب قانون النقد والتسليف، الدور الأكبر في تمويل الطبقة السياسية الحاكمة، وأيضاً في إنقاذها من فشلها. وهذا ما لا يجب ان يكون في المشهدية المالية في السنوات المقبلة"، وحذر من "المماطلة والتسويف في تعيين حاكم أصيل لمصرف لبنان من أجل ضمان استمرار ما شهده لبنان في السنوات الـ 5 الماضية"، مُشددا على ان العين اليوم والأمس وغداً هي على مصرف لبنان وحاكمه.
المؤهلات والكفاءات المطلوبة
يقول فحيلي: "لا شك أن الحاكم الجديد يجب أن يكون خبيراً في المجالين النقدي والمالي، وهذا هو الانطباع العام، والحقيقة هي أنه ليس من الضروري أن يكون مصرفياً لأن الإلمام بتقنيات العمل المصرفي هي من مهام لجنة الرقابة على المصارف وهيئة التحقيق الخاصة".
ويُضيف انه على رئيس السلطة النقدية:
أن يمتلك رؤية واضحة لكيفية إخراج لبنان من أزمته المصرفية.
أن يكون رجل دولة بحكم دوره كشريك أساسي في صناعة السياسات الاقتصادية.
أن يمتلك القدرة على التفاوض مع صندوق النقد الدولي والجهات الدولية الأخرى لتحقيق إصلاحات حقيقية.
كما يجب أن يكون لديه الفهم العميق لكيفية إعادة هيكلة القطاع المصرفي ووضع سياسات نقدية قادرة على تحقيق الاستقرار النقدي وإدارة الاحتياطيات بفعالية.
إضافة إلى ذلك، يُتابع فحيلي، من الضروري أن تكون لدى الحاكم الجديد خبرة واسعة في الشؤون الاقتصادية كداعم أساسي في تنفيذ هذه السياسات وضمان إستدامتها، بما يشمل السياسات المالية وإدارة الدين العام، وذلك لضمان التنسيق بين السياسة النقدية والمالية العامة للدولة، لافتا إلى انه "ليس من الخطأ أبداً أن يمنح حاكم المصرف المركزي رتبة "ضابط الإيقاع الإقتصادي،" وبفضل مهارته إما ان يساهم في إنقاذ لبنان وإنعاشه ووضعه على سكة التعافي والنمو الاقتصادي، أو ان يتسبب بالكثير من الهلاك".
وبما ان القانون أساس الحكم، ينبغي على حاكم "المركزي" أن يكون على دراية تامة بالتشريعات المصرفية وقوانين الامتثال، خاصة في ظل الرقابة الدولية المشددة التي يخضع لها القطاع المالي اللبناني بعد إدراج البلاد على اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي، كما يقول فحيلي.
الصفات الشخصية المطلوبة
ويُشير فحيلي إلى انه "في ظل التعقيدات السياسية والتدخلات الخارجية والمحلية في عمل مصرف لبنان، لا بد أن يتمتع الحاكم الجديد بشخصية قوية ومستقلة قادرة على اتخاذ قرارات جريئة دون الانصياع للضغوط السياسية أو المصالح الفئوية، فالمرحلة المُقبلة تتطلب شخصية تتسم بالنزاهة والشفافية والمناقبية المهنية، قادرة على مواجهة الفساد وإخضاع القطاع المصرفي للمساءلة والمحاسبة، بما في ذلك الكشف عن السياسات المالية المشبوهة التي ساهمت في إنهيار النظام المالي اللبناني".
ويُتابع: "كما يجب أن يكون الحاكم الجديد قادراً على استعادة ثقة مكونات المجتمع اللبناني والمجتمع الدولي، وذلك من خلال تبني نهج تواصلي واضح وفعال، يشرح فيه للمواطنين وللمؤسسات الدولية مسار الإصلاحات والخطوات العملية التي سيتم اتخاذها لمعالجة الأزمة المصرفية وحماية القطاع المصرفي من الجريمة المالية."
التحديات أمام
الحاكم الجديد
يُعدد فحيلي التحديات التي ستواجه الحاكم الجديد وهي كثيرة، وأهمها:
- تحسين التصنيف الائتماني للبنان، فهو لن يصبح بخير ما دام يصنف "متعثراً" في إحترام إلتزاماته أمام المجتمع الدولي، وشراكة مصرف لبنان مع وزارتي المال والاقتصاد أساسية لإطلاق عجلة التفاوض مع حاملي سندات "اليوروبوند" والدائنين لإعادة جدولة وهيكلة الدين العام.
- الوصول إلى برنامج إنقاذ وتمويل مع صندوق النقد الدولي، فبعد انعدام ثقة الأسرة الدولية بأداء الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان، يصبح نجاح التفاوض مع صندوق النقد الدولي بمثابة "خشبة خلاص" هذا الوطن.
- إعادة الانتظام للقطاع المصرفي وهي الخطوة الأهم والتي لا تتطلب لا رأسمال ولا سيولة خارجية، ولكنها بأمس الحاجة إلى إرادة، وذلك بهدف إطلاق عجلة التواصل الإيجابي والمنتج بين كل مصرف على حدة وزبائنه، والعمل على إخراج لبنان من اللائحة الرمادية خطوة أساسية على هذا المسار ولمصرف لبنان الدور الأساس في إتمام هذه المهمة.
- إعادة هيكلة القطاع المصرفي الذي يبدأ في تصويب أداء مكونات القطاع وصولاً إلى الهيكلة الشاملة لضمان استمرارية النظام المصرفي بعد الانهيار الحاصل.
-إستعادة كرامة النقد الوطني لضمان استقرار سعر الصرف وتجنب تكرار السيناريوهات الكارثية السابقة، فلبنان لا يستطيع الاستمرار في الدولرة الشاملة إلى ما لا نهاية.
ويُشدد فحيلي على انه "يجب أن يتم تعيين حاكم أصيل لمصرف لبنان بناءً على معايير الكفاءة والنزاهة والاستقلالية عن السياسة وليس عن الدولة، فالسلطة النقدية هي دائماً ضحية الأداء السياسي الفاشل ولكن هي شريك فاعل للدولة".
ويُحذر ختاما من ان "لبنان اليوم أمام مفترق طرق، وحاكم مصرف لبنان المقبل قد يكون إما شريكاً دائماً للحل المنتظر لإنقاذ الاقتصاد، أو مجرد امتداد لنهج أدى إلى أكبر أزمة مالية في تاريخ البلاد، لذا، فإن مسؤولية اختيار الشخصية المناسبة تقع على عاتق الجميع، وعلى رأسهم القوى السياسية التي يجب أن تُدرك أن فشل هذه المهمة سيكلف لبنان سنوات إضافية من الإنهيار والفوضى الاقتصادية."
وفي النهاية لا بد من التذكير ان منصب حاكمية مصرف لبنان استُحدث عام 1963 بعد إقرار قانون النقد والتسليف، وتعاقب عليه كلّ من فيليب تقلا (1964-1965)، وإلياس سركيس (1967-1976)، وميشال خوري (1977-1985)، وإدمون نعيم (1985-1990). وعام 1993 آل إلى رياض سلامة الذي مكث فيه 30 عاما، جُدد له خلالها 4 مرات، ليصبح بذلك صاحب أطول ولاية لحاكم بنك مركزي في العالم. فمن سيكون الحاكم رقم 6؟
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|